السبت, أبريل 20, 2024

الجنوب والحاجة لعقلية الوطن

بقلم:عبدالكريم السعدي|

صورة الجنوب والحاجة لعقلية الوطن

التمادي في تكرار خطاب الكذب على أنفسنا لن يضع حداً لتدهور الأوضاع في حياتنا، ولكنه حتماً سيضع حداً لتطلعاتنا في حياة كريمة ومستقبل آمن. والتمادي في تكريس السلوك غير السوي في عدن خاصة والجنوب عامة لن يساهم فقط في إضاعة الجنوب من أيدينا، بل إنه سيحيل الحياة في هذه المناطق جحيماً لن يسلم من نيرانه أحد، وسوف يؤسس لحالة عدم استقرار تهدد الجنوب والإقليم معاً.

المعسكرات والقوى المسلحة القائمة على المناطقية والولاء للأشخاص لن تحرر الجنوب، ولن تصنع الوطن القادم، بل ستؤدي إلى بروز أمراء حرب وعصابات نهب، وستقود إلى تمزق أسوأ من التمزق الذي نعيشه اليوم.

حذرنا كثيراً من السلوك القائم منذ أن تم التحايل على المقاومة الجنوبية، واستبدالها بمقاومة مصنعة، وتوجيه تلك المقاومة إلى اتجاهات لا يمكن لمقاومة حقيقية أن تسير فيها أو تقبل بها، وانتزاع تعهدات ساهمت إلى حد بعيد في خلق الفرقة على الساحة الجنوبية. لقد أراد البعض بكل تلك السلوكيات الشاذة ضرب الحراك الجنوبي، الحامل الحقيقي والشرعي لمشروع التحرير والاستقلال، والتحايل عليه، وممارسة السطو على إرثه الثوري والسياسي، ولكن الأمور تجاوزت إمكانات ذلك البعض، وخرجت عن مخططاته، وأصبح الخطر يهدد الجنوب بكل مكوناته، بما في ذلك أولئك البعض، بل ويهدد أمنه وسلامه الإجتماعي.
عندما نتحدث عن وطن يتسع للجميع، فإن ذلك يتطلب منا أن نكون كباراً بحجم ذلك الوطن؛ فلا يعقل الحديث عن وطن بعقلية المكون أو الحزب السياسي أو القبيلة أو المنطقة أو غيرها من التكوينات التي يتشكل منها ذلك الوطن الكبير، ولا يزال اعتزال الوطن في شخص أو أشخاص، لأن مساحة الوطن أكبر، وتعريفه أوسع وأعمق.
لقد انهارت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ولم تعد بعد الذهاب إلى الانتحار في مايو 1990م؛ لأنها أرادت قيادة وطن بعقلية القبيلة والمنطقة، وانهارت وتفسخت واندثرت الجمهورية اليمنية لأن عقل القبيلة والعائلة أيضاً كان هو الطاغي على عقل الوطن، وهذه التجارب وحدها تعلمنا أن نحاول ولو مرة واحدة التفكير بعقلية الوطن الكبير.
أهل مكة أدرى بشعابها كما يقولون، ونحن أدرى من غيرنا باحتياجاتنا واحتياجات وطننا التي تمكنه من العودة الإيجابية إلى مصاف الأوطان والأمم، وبالتالي فمهما بلغ عون ومواقف الآخر معنا، فلن يكون مكان فعل ذلك الآخر في ترتيب الأهمية إلا بعد فعلنا، وبعد موقفنا، وبعد محبتنا لأنفسنا ولبعضنا ولوطننا.
تعالوا نتجاوز عقلية القرية والقبيلة والمنطقة والمكون والحزب، ونفكر بعقلية الوطن الأكبر، ونتمرد على أفكارنا الداعية إلى التمترس والانزواء خلف ظلمات الأنا، وسنلمس حينها حقيقة أن الوطن لن يكون وطناً إلا متى ما كان العقل الذي يبنيه ويصنع مستقبله عقلاً بحجم هذا الوطن.

خليك معنا

آخر الأخبار

مرحبا بعودتك!

تسجيل الدخول إلى حسابك أدناه

استرداد كلمة المرور

الرجاء إدخال اسم المستخدم أو عنوان البريد الإلكتروني لإعادة تعيين كلمة المرور الخاصة بك.

أضف قائمة تشغيل جديدة

Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?